search

    ثمن النهائي يفي بوعوده والعنابي عنوان التميز

    قنا

    أوفى الدور ثمن النهائي من بطولة كأس آسيا 2023 المقامة حاليا في الدوحة، بوعوده الفنية والتنافسية والجماهيرية، الأمر الذي منح النسخة الحالية من البطولة القارية تميزا كبيرا وشهادة نجاح مبكر على مختلف الصعد، ما يجعلها تتوافق مع تكهنات تفردها عن سابق النسخ التي أقيمت منذ انطلاق البطولة .

    وجاءت منافسات الدور الأول التي اختتمت، يوم أمس الخميس، حافلة بالإثارة والندية بتقارب كبير في المستويات الفنية، فحكمت التفاصيل الصغيرة الكثير من نتائج المباريات، وصولا الى تسمية الفرق الـ 16 التي بلغت الدور ثمن النهائي وفقا لتعليمات البطولة التي منحت مقاعد الدور الثاني لأصحاب المركزين الأول والثاني في كل مجموعة من المجموعات الست، الى جانب أفضل أربع منتخبات احتلت المركز الثالث.

    وشهدت منافسات الدور الأول ترقبا خصوصا في الجولة الثالثة والأخيرة من أغلب المجموعات، قبل أن يكتمل عقد المتأهلين، ويتم الكشف عن المسارات التنافسية حتى المباراة النهائية.

    وفي الوقت الذي كان فيه المنتخب القطري قد تأهل لدور الـ16 مبكرا، لكنه ظل ينتظر هوية منافسه حتى اليوم الأخير بإكتمال المتأهلين، ذلك أن حسابات تحديد المواجهات استندت وفق التعلميات على المجموعات التي يتأهل عنها أفضل أربعة في المركز الثالث، فكان التوزيع في نهاية المطاف أن تأهل كل من : ثالث المجموعة الثانية ( منتخب سوريا) وثالث المجموعة الثالثة (منتخب فلسطين) وثالث المجموعة الرابعة (منتخب إندونيسا) وثالث المجموعة الخامسة (منتخب الأردن) .

    وضرب هؤلاء موعدا مع أبطال المجموعات، من الأولى حتى الرابعة، في الدور ثمن النهائي وعلى النحو التالي: حيث يلتقي المنتخب القطري بطل المجموعة الأولى مع المنتخب الفسطيني، فيما يلتقي المنتخب الاسترالي بطل المجموعة الثانية مع المنتخب الأندونيسي، و المنتخب الإيراني بطل المجموعة الثالثة مع المنتخب السوري، فيما يلتقي المنتخب العراقي بطل المجموعة الرابعة مع المنتخب الأردني.

    ويتكمل عقد مواجهات دور الـ 16 بلقاء المنتخب البحريني بطل المجموعة الخامسة مع وصيف المجموعة الرابعة المنتخب الياباني، والمنتخب السعودي بطل المجموعة السادسة مع المنتخب الكوري الجنوبي ثاني المجموعة الخامسة، في حين ضرب المنتخب الإمارتي ثاني المجموعة الثالثة موعدا مع منتخب طاجيكستان ثاني المجموعة الأولى، وأخيرا، يلتقي المنتخب الاوزبكي ثاني المجموعة الثانية مع المنتخب التايلندي ثاني المجموعة السادسة.

    وجاء سيناريو تحديد المواجهات مثيرا في تفاصيله خصوصا في بعض المجموعات التي شهدت مواجهتيها الأخيرتين تقلبا في النتائج، كما جرى في المجموعة الخامسة التي انقلبت فيها الأمور رأسا على عقب في الدقيقة 15 بعد التسعين، عندما سجل منتخب ماليزيا هدف التعادل أمام المنتخب الكوري الجنوبي لتنتهي المباراة بثلاثة أهداف لمثلها، وترسم تلك النتيجة توزيعا مختلفا تماما، حيث بات المنتخب البحريني الفائز على نظيره الاردني بهدف دون رد، بطلا للمجموعة وحل المنتخب الكوري ثانيا والمنتخب الأردني ثالثا، وتكرر الأمر في المجموعة الثالثة، حيث كان المنتخب الإيراني متقدما على نظيره الإماراتي بهدفين دون رد في وقت، كان فيه المنتخب الفلسطيني متقدما على هونغ كونغ بثلاثة أهداف دون رد، وكانت تلك النتيجة تمنح المنتخب الفلسطيني التأهل في المركز الثاني في المجموعة وبالتالي مواجهة طاجستان، في حين سيحل المنتخب الإمارتي ثالثا ليواجه المنتخب القطري، بيد أن هدفا إماراتيا في وقت متأخر قلص النتيجة، وقلب الأمور وأعاد المنتخب الإماراتي إلى المركز الثاني ، وذهب المنتخب الفلسطيني إلى المركز الثالث.

    المنتخب القطري كان عنوان التميز في الدور الأول من كأس آسيا 2023 لكرة القدم، عندما أمّن عبورا مبكرا إلى الدور الثاني كأول المتأهلين بعد جولتين فقط، ثم بات أحد ثلاث منتخبات أنهت الدور الأول بالعلامة الكاملة، كاشفا عن مستويات راقية بصعود مؤشر الأداء من مباراة لأخرى، مقدما نفسه كأحد أبرز المرشحين للإحتفاظ باللقب الذي ناله في النسخة الماضية من البطولة والتي جرت في الإمارات عام 2019.

    استهل المنتخب القطري المنافسة بشكل مثالي ليتفوق على نظيره اللبناني بثلاثية نظيفة، متجاوزا إرهاصات المباراة الإفتتاحية وخصوصيتها التي قد لا تسير بالعادة في صالح صاحب الأرض، قبل أن يدخل المباراة الثانية أمام طاجيكستان برغبة حسم التأهل الرسمي المبكر إلى الدور الثاني، فكان له ما أراد بفوز مستحق وبهدف دون رد، منحه بطاقة العبور الرسمي الى الدور الثاني، جاعلا من المباراة الثالثة أمام الصين، تحصيل حاصل خصوصا وأن الفوز الثاني تواليا لم يؤكد بلوغ دور الـ 16 فحسب، بل ومنح المنتخب القطري صدارة المجموعة رسميا.

    وبالرغم من قلة الدوافع المعنوية في المباراة الأخيرة، الا أن الانتصار فيها كان مطلبا مهما لتكريس ثقافة الفوز قبل الدخول في الأدوار الإقصائية، ليتفوق المنتخب القطري بهدف دون رد على نظيره الصيني، جامعا العلامة الكاملة في الدور الأول، وضاربا موعدا مع منتخب فلسطين في الدور ثمن النهائي، وسط كفة تبدو راجحة لحامل اللقب وصاحب الأرض لاستكمال المشوار.

    وتشير الأرقام الإحصائية إلى تفوق واضح لـ/ الأدعم/ ليس فقط على مستوى المجموعة، بل على مستوى البطولة بشكل عام، حيث حافظ على نظافة الشباك، ولم يستقبل أي هدف في المباريات الثلاث ما يؤكد الصلابة الدفاعية، فيما سجل خمسة أهداف موزعة على المباريات الثلاث ما يشير الى أن النجاعة الهجومية ظلت حاضرة.

    وسجل المنتخب القطري نسبة عالية جدا في الاستحواذ على الكرة، بمتوسط بلغ في المباريات الثلاث 60% ، في حين بلغت نسبة النجاح في التمرير 80% بمجموع تمريرات وصل الى 1442 تمريرة، كما فاز لاعبو المنتخب القطري بالكرات المشتركة مع المنافس في 179 مناسبة وهو رقم يؤكد الشراسة التي يظهرها اللاعبون في المباريات الثلاث.

    وحقق المنتخب القطري عديد المكتسبات في الدور الأول، أبرزها ذاك التوهج الكبير لعدد من العناصر المؤثرة والتي يعول عليها كثيرا في لعب أدوار مهمة في قادم المنافسات وخلال رحلة الدفاع عن اللقب، ويأتي على رأس هؤلاء النجم أكرم عفيف الذي استطاع أن ينال جائزة أفضل لاعب في مباراتين متتاليتين أمام لبنان وطاجيكستان، خلافا الى أن أكرم ينافس على لقب الهداف حيث يتواجد في المركز الثاني برصيد ثلاثة أهداف خلف العراقي أيمن حسين بخمسة أهداف .

    وقدم المعز علي المتوج بلقب أفضل لاعب وهداف النسخة الماضية من البطولة القارية 2019، مستوى كبيرا وسجل هدفا في المباراة الأولى رفع به رصيده الى عشرة أهداف في نسختين، وما زال أمامه فرصة الوصول إلى الهداف التاريخي للبطولة في قادم المباريات، فيما تألق القائد حسن الهيدوس الذي دون رقما إحصائيا مميزا ايضا، بعدما سجل في ثالث بطولة تواليا، حيث سبق له التسجيل في نسختي 2015 في استراليا و2019 في الإمارات، قبل أن يسجل هدفا رائعا في مرمى المنتخب الصيني في المباراة التي نال فيها جائزة أفضل لاعب.

    وكان الحضور الجماهيري في مباريات المنتخب القطري الثلاث مميزا للغاية، حيث بدت المؤازرة كبيرة خصوصا في المباراة الأولى أمام المنتخب اللبناني والتي حضرها 82490 متفرجا، ليصبح ذلك الحضور هو الأعلى في مباراة افتتاحية في تاريخ البطولة القارية.

    وشهد الدور الأول من بطولة كأس آسيا تفوقا عربيا واضحا، بتأهل ثمانية منتخبات إلى الدور ثمن النهائي، حيث لم يغادر الدور الأول سوى المنتخبين، اللبناني الذي افتقد إلى التوفيق في المباراة الأخيرة أمام طاجيكستان، والعماني الذي لم يستطع الحفاظ على تقدمه أمام قيرغيزيا في المباراة الثالثة والأخيرة، فإنقاد إلى التعادل بهدف لمثله وغادر الدور الأول.

    ويبقى المنتخب الفسطيني العلامة الفارقة، بعدما أعاد كتابة تاريخ المشاركات القارية، حيث تجاوز دور المجموعات للمرة الأولى في تاريخه، مظهرا وجها مشرقا رغم الآلام والجراح التي يعشها الشعب الفلسطيني.

    وجاء تأهل المنتخب الفلسطيني الى الدور ثمن النهائي، عن جدارة واستحقاق، حيث استطاع أن يضمد جراح الخسارة الثقيلة في مستهل المشوار أمام إيران باربعة أهداف لهدف، وقدم مستويات راقية جدا في المباراة الثانية أمام المنتخب الإماراتي، رغم اكتفاءه فيها بالتعادل بهدف لمثله بعدما فرط بفوز كان في المتناول، مهدرا عديد الفرص السهلة أمام المرمى، ليدخل المباراة الثالثة والأخيرة أمام هونغ كونغ بتحد كبير من أجل تحقيق الفوز دون سواه.

    وقدم رفاق القائد معصب البطاط المستوى الأفضل أمام هونغ كونغ وسيطروا على المواجهة الأخيرة بكافة تفاصيلها، وسجلوا ثلاثة أهداف محققين انتصارا تاريخيا هو الأول لهم في البطولة القارية في الظهور الثالث، وهو الفوز الذي كان كافيا للعبور الأول الى الدور ثمن النهائي رفقة أفضل أربعة منتخبات احتلت المركز الثالث.

    وعلى منوال المنتخب الفسطيني نسج المنتخب السوري الذي حقق هو الأخر التأهل التاريخي الأول الى الدور الثاني في البطولة القارية، وذلك بعدما تجاوز المنتخب الهندي بهدف وحيد في المباراة الأخيرة، ليجمع النقطة الرابعة في المجموعة الثانية، ليضرب موعدا مع المنتخب الإيراني في الدور الموالي .

    وأظهرت المنتخبات العربية في كاس آسيا 2023 وجها تنافسيا كبيرا، حيث سيطر المنتخب القطري على المجموعة الأولى محققا ثلاث انتصارات، وفعل المنتخب العراقي الشيئ نفسه في المجموعة الرابعة رغم قوتها بوجود المنتخب الياباني، فكانا من بين ثلاث منتخبات فقط حققت العلامة الكاملة الى جانب المنتخب الإيراني.

    ورفض المنتخبان العراقي والأردني الأفضلية المسبقة لمنتخبي اليابان وكوريا الجنوبية المرشحان للمنافسة على اللقب، فجاء انتصار المنتخب العراقي على اليابان في الجولة الثانية من منافسات المجموعة الرابعة ليشكل تحولا كبيرا في المسار التنافسي للدور ثمن النهائي، في حين فرض المنتخب الأردني التعادل على المنتخب الكوري الجنوبي في المجموعة الخامسة .

    وعلى غرار المفاجأة التي جاء بها المنتخب العراقي عندما تأهل بطلا للمجموعة الرابعة التي تضم المنتخب الياباني المرشح لنيل اللقب، فعل المنتخب البحريني الشيئ نفسه في المجموعة الخامسة التي تصدرها على حساب مرشح آخر وهو المنتخب الكوري الجنوبي، وإن كان المنتخب البحريني، قد وجد نفسه في مسار تنافسي صعب عندما ضرب موعدا مع المنتخب الياباني.

    وسيشهد دور الـ 16 مواجهتان عربيتان، حيث يلتقي المنتخب القطري مع نظيره الفلسطيني، والمنتخب العراقي مع نظيره الأردني، على أن تتواصل المواجهات العربية المحتملة في الدور ربع النهائي ايضا.

    وتفاوت ظهور المنتخبات الست التي طاملا عُرفت على أنها القوى التقليدية التي دخلت البطولة كمرشحة للمنافسة على اللقب وهي : قطر حامل اللقب، اليابان الأكثر تتويجا، السعودية وإيران المتوجان بثلاثة ألقاب، المنتخب الكوري الجنوبي صاحب أول لقبين، والمنتخب الاسترالي بطل 2015 .

    الاقناع كان حاضرا لدى المنتخبين القطري والايراني اللذان حقق كل منهما ثلاث انتصارت وبمستويات فنية مقنعة، في حين لم تظهر منتخبات اليابان وكوريا الجنوبية والسعودية بالقوة المعتادة حتى الآن، أما المنتخب الاسترالي، فقد كشف عن حرصه على النتائج أكثر من الحرص على الأداء والمستوى الفني.

    وربما يكون السبب وراء عدم ظهور بعض المنتخبات الكبيرة بالصورة المعهودة، هو تطور مستوى عديد المنتخبات الأخرى التي واجهتها، في تأكيد على أن الفوارق الفنية بين المنتخبات الآسيوية بدت ضيقة في النسخة الحالية، على العكس من النسخات السابقة، وهو ما يعد امرا ايجابيا للكرة الآسيوية بشكل عام.

    وبدا واضحا أن النسخة الحالية من كأس آسيا، قد شهدت حضورا جماهيريا بأرقام تبدو قياسية وغير مسبوقة، فتكاد المدرجات أن تكون ممتلئة عن آخرها في جل المباريات التي لعبت في الدور الاول، وهو ما يؤكد النجاح الكبير لدولة قطر في تأمين كل السبل المتاحة لخدمة الجماهير سواء تلك التي حضرت المباريات من داخل قطر او خارجها، استنادا الى تجربة ناجحة وبامتياز في نهائيات كأس العالم FIFA قطر 2022 والتي كانت واحدة من أفضل نسخات المونديال على جميع الصعد ومن بينها التجربة الجماهيرية.

    كما ساهمت الملاعب المونديالية في جعل النسخة الحالية من البطولة القارية استثنائية، حيث تحظى كأس آسيا وللمرة الأولى في تاريخها بميزة أن تقام على ملاعب شهدت نهائيات كأس العالم قبل عام تقريبا، ما ساعد على أن تظهر البطولة في أبهى حلة من جميع النواحي.

    وقدم الدور الأول ثلة من نجوم تألقت بشكل لافت في دور المجموعات، ومن المنتظر أن يواصل هؤلاء التوهج.

    ولفت أكرم عفيف نجم المنتخب القطري الأنظار باداءه الراقي في البطولة، وهو الذي كان قد قدم نفسه رفقة زميله المعز علي في النسخة الماضية، عندما قادا /الأدعم/ للتويج باللقب، فيما ظهر مهاجم المنتخب العراقي أيمن حسين بشكل لافت وهو الذي يتصدر قائمة الهدافين برصيد خمسة أهداف في ثلاث مباريات.

    وفي الوقت الذي كانت فيه الأنظار مسلطة على لاعبين في المنتخبين الكوري الجنوبي والياباني ممن ينشطون في الدوريات الاوروبية، ظهر بعض اللاعبين العرب بصورة لافتة على غرار الأردني موسى التعمري لاعب مونبلييه الفرنسي، فيما قدم مهاجم المنتخب الفسطيني عدي الدباغ نفسه بشكل لافت في البطولة بعدما قاد منتخب بلاده الى الانتصار التاريخي الأول على حساب هونغ كونغ، وبالتالي التأهل الى ثمن النهائي للمرة الأولى، مسجلا هدفين من أهداف المنتخب الفلسطيني الثلاث في المباراة .

    وعلى صعيد الإحصائيات الرقمية الإجمالية فقد لعبت حتى الأن 36 مباراة، تم خلالها تسجيل 85 هدفا، بمعدل تهديفي في كل مباراة بلغ 2.36 ..واشهر الحكام 106 بطاقة صفراء و5 بطاقات حمراء.

    وتساوت ثلاث منتخبات في تسجيل أكبر عدد من الأهداف وهي اليابان، العراق، كوريا الجنوبية بثمانية أهداف لكل منها، واحتفظ منتخبان فقط بنظافة الشباك وهما المنتخبان القطري والتايلندي.

    وتم احتساب 15 ركلة جزاء سجل منها 11 وتم إهدار أربع ركلات، وشهدت البطولة خمسة أهداف عكسية منها هدفين في مباراة كوريا الجنوبية والأردن، وكان أسرع هدف في الدور الأول قد سجله الإيراني كريم أنصاري في مرمى المنتخب الفسطيني بعد دقيقتين فقط.

     وعلى مستوى الحضور الجماهيري، فكان الرقم الأعلى للحضور في المباراة الافتتاحية بين قطر ولبنان وشهدت تواجد 82490 متفرجا، وهو الأعلى في مباراة افتتاحية في تاريخ البطولة القارية.