إعلاء القيم الإنسانية .. إنجاز يضاف إلى رصيد قطر في استضافة البطولات الرياضية الكبرى
وكالة الأنباء القطرية
الكثير من الإنجازات حققتها دولة قطر عالميا وقاريا وإقليميا على صعيد استضافة وتنظيم الأحداث الرياضية الكبرى، لكن يبقى الإنجاز الأكبر والأبرز، الذي يضاف إلى رصيد قطر، خلال العقدين الماضيين هو نجاحها في تغيير الصورة النمطية للبطولات والفعاليات الرياضية عبر الإعلاء من شأن القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية، لترسي قطر بذلك نموذجا فريدا في جعل الرياضة سبيلا لترسيخ القيم الإنسانية.
ولم تقتصر رؤية قطر في تنظيم الفعاليات الرياضية الكبرى على حسن التنظيم والإعداد الجيد للبطولات وحفاوة استقبال الجماهير، وتوفير سبل الراحة لهم؛ إذ أضفت أبعادا إنسانية على تلك الفعاليات، وكان لها بصمتها الخاصة في تعزيز قيمة الرياضة في جمع الشعوب، وإزالة الفوارق والتقائها حول الألعاب الرياضية التي تجمعها على مختلف ألوانها وأجناسها وعقائدها وتوجهاتها من أجل الاستمتاع بالمنافسات الرياضية.
لقد نظمت دولة قطر العديد من الفعاليات الرياضية في مختلف الألعاب الرياضية، غير أن كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى بين الرياضات، أخذت النصيب الأكبر من الاهتمام في قطر، فمنذ بطولة كأس الخليج لكرة القدم 2004 التي استضافتها قطر، تزايدت القاعدة الشعبية لكرة القدم، وتوسعت قاعدتها لتصل إلى مختلف فئات المجتمع، لتتكون اللبنة الأولى على صعيد بناء الشغف الرياضي في أوساط الجماهير.
وتواصل تنظيم واستضافة دولة قطر للبطولات والفعاليات الرياضية في تطور متسارع تجاوزت فيه الدوحة مرحلة تطبيق المعايير المعتمدة في التنظيم إلى مرحلة الإبداع والتميز في ابتكار أساليب جديدة جاذبة للجماهير لمتابعة الفعاليات الرياضية، ولعل ما أدخلته من مبادرات إنسانية في الملاعب التي استضافت بطولة كأس الخليج خليجي 17 خير دليل على ذلك، حيث خصصت قطر أماكن للمشجعين من ذوي الاحتياجات الخاصة، مع توفير عناية خاصة لهم في عملية تسهيل الدخول للملاعب والخروج منها، في سابقة نالت استحسان الجميع، وفتحت الباب للاتحادات الخليجية لتقديم مبادرات مماثلة في تنظيم النسخ المقبلة من البطولة.
كما أرست قطر دعائم خاصة بتنظيم البطولات على أرضها ترتكز على القيم الإنسانية للرياضيين والمشجعين والمتابعين، بما يضمن لهم الاستمتاع بالفعاليات الرياضية دون أن يشعروا أنهم يتعرضون للتنمر من جمهور منافس، أو التقليل من قيمة أي مشجع يدعم فريقه أو منتخب بلاده.
وتستند قطر في تنظيم البطولات إلى معايير ومبادئ تتسق مع قوانين ومبادئ الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان، والتي تمنح كل متابع الحق بالحصول على خدمات تراعي طبيعته وفطرته، وبما يتوافق كذلك واتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، كما تطبق مبادرات لتعزيز المساواة ورفع مستوى الخدمات المقدمة للأفراد من ذوي الإعاقة، ما جعل حضورهم مميزا ولافتا للأنظار في جميع الفعاليات والبطولات التي تقام على ملاعب قطر على مدار العقدين الماضيين.
وبداية من بطولة الخليج لكرة القدم ومرورا بدورة الألعاب الآسيوية وكأس آسيا 2011 ودورة الألعاب العربية في العام ذاته، وصولا إلى بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، الحدث الرياضي الأكبر في العالم، وانتهاء بكأس آسيا قطر 2023، أضافت قطر معيارا رفيعا في التنظيم تجسد في الاهتمام بذوي الإعاقة في الملاعب، حيث أتاحت لهم فرصة تاريخية لحضور المباريات من مواقع مثالية في الملعب كانوا فيها قريبين من نجوم كرة القدم ومشاهير اللعبة الذين يصعب الوصول إليهم في أي حدث في العالم، كما قربت قطر المسافة لهذه الفئة من المجتمع لمتابعة المونديال بسعادة غامرة للحظات ستبقى خالدة في أذهانهم طوال العمر.
وتحرص دولة قطر، بموجب استراتيجية التنمية الوطنية على تعزيز مستوى الصحة ورفاه الأشخاص من ذوي الإعاقة في البلاد، من خلال توفير الخدمات الصحية المناسبة وبرامج خاصة وخدمات اجتماعية لتحقيق مستوى حياة يتمتع بالجودة.
ومن هذا المنطلق، تحمل الفعاليات والأحداث الرياضية، التي تستضيفها دولة قطر في داخلها، قيما إنسانية تسعى من خلالها الدوحة إلى الاهتمام بحقوق ذوي الإعاقة ودمجهم في المجتمع، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم ومنحهم إحساسا حقيقيا بالتقدير من قبل الدولة والمجتمع، وذلك من خلال منحهم الأولوية في الملاعب، وتخصيص أماكن وخدمات تتيح لهم الاستمتاع بالفعاليات الرياضية.
وفي إطار مبادرات قطر الإنسانية واهتمامها بأصحاب الإعاقات السمعية والبصرية، وفرت لهم، ولأول مرة، منصة خاصة في بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022 لترسيخ ملامح البطولة في أذهانهم وتمكينهم من المتابعة بطريقة مميزة جدا، وذلك من خلال توظيف التقنيات الحديثة الخاصة بتحويل المحتوى المرئي إلى مسموع لمن يعانون من إعاقات بصرية، والمحتوى المسموع إلى مرئي لأصحاب الإعاقات السمعية، لتكتمل بذلك الصورة عند أصحاب الإعاقات الذين خاضوا تجربة جديدة وفريدة من نوعها استمتعوا فيها بأكبر حدث رياضي لكرة القدم بالعالم في الغرف الحسية التكنولوجية التي كانت الأولى في عالم كرة القدم.
كما شكّلت القيم الإنسانية التي وضعتها قطر في النسخة الأبرز من بطولة كأس العالم لكرة القدم علامة فارقة في تنظيم البطولات، ما جعل الاتحاد الدولي لكرة القدم يعتبرها أنها الأفضل في تاريخ البطولات لاستيفائها جميع المعايير الفنية ولإيفائها بكافة العهود والمواثيق المتعلقة بنزاهة التنافس، فضلا عن ما تضمنته البطولة من ملامح إنسانية يتم تطبيقها لأول مرة في بطولات كأس العالم، ما جعل الاتحاد الدولي يفكر في اعتمادها كمعايير جديدة للدول التي ستنظم النسخ المقبلة من البطولة.
ولم يخف الاتحاد الدولي لكرة القدم إعجابه الشديد بالرؤية القطرية في التنظيم والتعامل مع الأحداث الرياضية، ومحاولات الابتكار في تنظيم البطولات، وإضافة بصمة خاصة تميز الحدث وتخلده في أذهان الرياضيين والمشجعين والمتابعين على حد سواء؛ إذ أشاد بعد انتهاء بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022 بحسن تنظيم البطولة، التي أكد أنها حققت أرقاما غير مسبوقة على مستوى الحضور الجماهيري، وأنها تعد البطولة الأولى التي استوعبت جميع مشجعي العالم ورحبت بهم.
وخاطبت قطر مخيلات جميع مشجعي كرة القدم حول العالم خلال البطولة بتقديم أحدث أساليب التنظيم، وبأفضل التقنيات من أجل تلبية احتياجات فكرية تنشط من ذاكرة الجماهير الرياضية، وهو الأمر الذي شكل قيمة كبيرة للبطولة لدى الجماهير، ودفع بها إلى أن تكون العنصر الأهم مشاهدة على وسائل التواصل الاجتماعي.
ووفقا لإحصائيات الاتحاد الدولي لكرة القدم، فإن الملاعب القطرية شهدت حضورا لجميع الجنسيات من مختلف دول العالم، وساعدهم في ذلك الموقع الجغرافي المميز لدولة قطر وسهولة الوصول إليها من أي طيران حول العالم، بالإضافة إلى توفير الدولة لكل معينات الوصول للملاعب من وسائل نقل حديثة وخدمات للجماهير، وعناية صحية لمختلف الفئات.
وقدر الاتحاد الدولي نسبة الحضور الجماهيري من الأشخاص ذوي الإعاقة، بأنه الأكبر في البطولات، وهو ما يعد التزاما إنسانيا جديدا وضعته دولة قطر خلال استضافتها بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، وسيتم اعتماده كمعيار ملزم للدول المقرر أن تنظم النسخ المقبلة من البطولة.
وخلال بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، قدمت دولة قطر وصفة سحرية للعالم، يستطيع من خلالها جمع الشعوب على القيم الإنسانية، وجعل الرياضة سبيلا لتوحيد الجماهير من شتى بقاع الأرض على اختلاف أجناسهم وأعراقهم وأديانهم، لتثبت للعالم أجمع أن الرياضة تجمع ولا تفرق، وأنها وسيلة للسلام والتلاقي والانسجام وإذابة الفوارق.
وبالإضافة إلى عناصر الإبهار في تنظيم واستضافة البطولات والفعاليات الرياضية الكبرى، قدمت دولة قطر تجارب جديدة لجميع الأشخاص ومختلف الفئات حول العالم ببسطها لأرضها كمساحة للحرية والعيش الآمن والاستمتاع بالتجارب الفريدة دون تعد على حقوق الإنسان، ما يجعل البطولات التي تستضيفها قطر من الأكثر حماية واحتراما لحقوق الإنسان والتقاء بين الشعوب، في ظل قيم أخلاقية ومبادئ إنسانية راسخة بعثت قطر من خلالها رسائل للعالم بأن الأرض العربية أرض سلام ومحبة وتآخ وتقدير للنفس البشرية.
وفي هذا الصدد، قال السيد جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، عقب انتهاء بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022: "كنت أعرف أن قطر ستنجح في التنظيم بدرجة كبيرة، ولكنني لم أكن أتوقع أن تفوق قدراتها كل التوقعات في تنظيم أكبر حدث رياضي.. فشكرا لدولة قطر على هذا الإبداع الذي سيظل خالدا في تاريخ كرة القدم على مر العصور".
بدوره، قال روبرتو كارلوس اللاعب السابق ونجم كرة القدم البرازيلية، في تصريحات سابقة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/،" إن قطر وجهة رياضية بامتياز، وهي تجمع العالم حول الرياضة بكل سلام ومحبة، وما فعلته في كأس العالم FIFA قطر 2022 كان رسالة راقية لتجميع سكان العالم في أرض سلام ومحبة، مشيرا إلى أن ما قامت به دولة قطر من تنظيم وتوسيع لقاعدة كرة القدم جماهيريا سيكون عبئا ثقيلا على الدول التي ستنظم النسخة المقبلة من بطولة كأس العالم".
من جانبه، اعتبر آرسين فينغر المدرب الفرنسي رئيس لجنة دراسات كرة القدم في الاتحاد الدولي لكرة القدم، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية، أن "بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022 تمثل رسالة سلام للعالم بأن هذه المنطقة ليست للأزمات وإنما للحب والسلام والتنافس في كرة القدم، وتلك قيمة كبيرة من قيم الاتحاد الدولي تعززها مبادئ وأسس اللعبة".
ودون لاعب المنتخب الإنجليزي رحيم ستيرلينغ، في حساباته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أنه تمنى أن يكمل مسيرته مع منتخب بلاده في بطولة كأس العالم في قطر لما وجده من أجواء مميزة وشعارات مطبقة تراعي جميع حقوق الإنسان، لكنه قال إنه اضطر، من سوء حظه، لترك المنتخب والعودة إلى لندن لأسباب خاصة، مشيرا إلى أن كأس العالم FIFA قطر 2022، البطولة الأكثر نزاهة وتقوم على الاحترام الكامل لإنسانية اللاعبين والمشجعين.
وجعلت البرامج والتقنيات التي استحدثتها اللجنة العليا للمشاريع والإرث، بالتنسيق مع الاتحاد الدولي لكرة القدم، في محاربة العنصرية على وسائل التواصل الاجتماعي، بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022 من أكثر البطولات نزاهة وحفظا لحقوق الجماهير واللاعبين، حيث نجحت تلك البرامج، التي تطبق للمرة الأولى في تاريخ لعبة كرة القدم، الأمر الذي دفع الاتحاد إلى تطبيق تلك البرامج في النسخ المقبلة من بطولات كأس العالم وباقي البطولات التي ينظمها الاتحاد.