فوائد مواصلة أنشطة كرة القدم من أجل التنمية عبر الإنترنت خلال أزمة فيروس كورونا
اللجنة العليا للمشاريع والإرث
هناك لحظات بسيطة عابرة، لكنها تحمل معانٍ كبيرة تؤكد على الشعبية الواسعة لكرة القدم حول العالم، مثل الهتافات الحماسية للمشجعين داخل الملعب، وضحكات الأطفال وهم يتناقلون الكرة في ساحات المدارس، وشعورك بالانتماء إلى فريقك حينما تجلس في المواصلات العامة بجوار شخص يرتدي قميص ناديك المفضّل أثناء توجهك لحضور مباراة في كرة القدم.
لقد تبدّلت الأوضاع تماماً بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد، فقد أُغلقت العديد من الملاعب المجتمعية، وجلس الأطفال في منازلهم يترقبون تلك اللحظة التي يعودون فيها إلى الاستمتاع بلعب كرة القدم مع أصدقائهم، وتخيّل اللعب ضمن صفوف فريقهم المفضل. وتحتم علينا الظروف الراهنة إيجاد حافز يحث هؤلاء الناشئين للحفاظ على أنماط حياتهم الصحية والنشطة، وشحذ هممهم خلال هذه الظروف الاستثنائية.
لقد أدركنا خلال هذه الأزمة أن واجبنا تجاه الشباب والمجتمعات حول العالم يحتم علينا في الجيل المبهر الاستمرار في أداء مهمتنا في تعزيز التواصل الفعّال، وتوحيد جهود الشباب حول العالم، وتمكينهم من خلال قوة وشعبية كرة القدم. ففي الوقت الذي أجبرتنا فيه إجراءات التباعد الاجتماعي على تعليق برامجنا على الأرض، برز أمامنا تحدٍ واضح يتمثل في كيفية مواصلة إلهام الشباب ومساعدتهم في الحفاظ على نشاطهم أثناء فترة البقاء في المنزل.
وفي هذا السياق؛ قرر برنامج الجيل المبهر، مطلع أبريل الماضي، إطلاق سلسلة يومية مباشرة من جلسات كرة القدم من أجل التنمية عبر منصاته على وسائل التواصل الاجتماعي، للمحافظة على التواصل الفعّال مع الأطفال والشباب في قطر والعالم، بهدف دعم ومساعدة الأجيال القادمة، وتشجيعها على مواصلة ممارسة الرياضة في ظل أزمة غير مسبوقة.
أعددنا مجموعة من الأنشطة المصممة خصيصاً للحفاظ على اللياقة البدنية من المنزل، عبر حسابنا على منصات التواصل الاجتماعي، بإشراف نخبة من كبار مدربي الجيل المبهر. ولعل أهم ما تميّزت به هذه الجلسات إتاحة المشاركة فيها أمام الجميع، كما أنها تلائم مختلف الفئات العمرية، بحيث يمكن لأي شخص ممارستها من المنزل بالأسلوب والمستوى الذي يناسبه. وكما هو معلوم للجميع، هناك ارتباط وثيق بين الصحة البدنية والذهنية، لذا حرصنا على تحفيز الأفراد ومساعدتهم في التخلص من الضغوط عبر ممارسة الرياضة.
وانطلاقاً من إدراكنا التام لأهمية النقاشات البنّاءة وما تلعبه من دور محوري في إلهام الشباب، سطعت لدى الجيل المبهر فكرة استقاء القصص الملهمة من حياة وتجارب نجوم لامعين في رياضة كرة القدم، واستلهام الدروس المستفادة من مسيرتهم الكروية خارج المستطيل الأخضر. وعليه، بدأنا في استضافة مجموعة من اللقاءات الحوارية المباشرة مع أساطير كرة القدم ونجوم بطولة كأس العالم ™FIFA وسفراء اللجنة العليا للمشاريع والإرث، ومنهم تشافي هيرنانديز، وكافو، وتيم كاهيل.
وتشهد هذه اللقاءات المباشرة، التي تحظى بمتابعة واسعة من الشباب حول العالم، تحاور وتفاعل المشاركين مع نجومهم المفضلين بشكل مباشر، الأمر الذي يتيح لهم تجربة تعليمية فريدة، ونتابع بكل فخر السفراء الشباب للجيل المبهر يأخذون بزمام المبادرة ويتصدرون المشهد في العديد من هذه اللقاءات المباشرة، ويستمعون إلى النصائح القيّمة والقصص الملهمة من نجوم كرة القدم ويتعلمون منها.
وفي إطار إدراكنا لأهمية الرياضة في نشر وترسيخ قيم القيادة والعمل الجماعي والانضباط؛ نتعاون بشكل وثيق مع العديد من الشركاء، بما في ذلك مكتبة قطر الوطنية ومكتبة الأطفال "مكتبة"، بهدف تنظيم جلسات لقراءة الكتب التي تُعنى بإثراء الجانب المعرفي لدى الأطفال، وغرس القيم الرياضية في نفوسهم.
إلى جانب ذلك؛ استضفنا جلسات دورية حول قضية المساواة بين الجنسين، والدور الحيوي للمرأة في عالم الرياضة والمجتمع، والحاجة الملحة لإشراك ودعم وتطوير مهارات الفتيات عبر أنشطتنا. وكان لسفيرة الشباب للجيل المبهر شوق السليطي دور ملهم، حيث أدارت مجموعة من الجلسات المباشرة حول المساواة بين الجنسين مع كل من شيماء عبد الله، حارسة مرمى منتخب قطر لكرة القدم للسيدات والمدربة بالجيل المبهر، وأمالي ثيستراب، لاعبة ايه اس روما، أحد الأندية الشريكة، وليزا أكيرو من بالاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.
وألقت الجلسات المباشرة الضوء على المساواة بين الجنسين، وأبرزت العديد من الإنجازات التي حققتها المرأة في المجال الرياضي، بالإضافة إلى القصص الملهمة لفتيات واجهن التحديات، وتغلبن على العوائق ليصبحن نماذج يُحتذى بها. ونود التأكيد على أننا في الجيل المبهر ملتزمون بتحقيق نسبة مشاركة متساوية بين الجنسين في برامجنا وأنشطتنا، سعياً إلى تمكين المزيد من الفتيات والنساء من قيادة مسيرة التغيير في مجتمعاتهن.
ومنذ إطلاق جلساتنا المباشرة عبر الإنترنت، تلقينا العديد من ردود الأفعال الإيجابية من متابعينا في قطر وحول العالم، وشهدت جلساتنا تفاعلاً فاق التوقعات، حيث تخطى عدد المشاهدات 100 ألف على مدار 10 أسابيع. ولا شك أننا واجهنا تحديات خلال هذه الفترة، سواء من الناحية الفنية، أو ضمان جودة تنظيم الجلسات، وتقديم محتوى هادف يلقى صدىً لدى المتابعين، لكننا اكتسبنا بالطبع خبرات جديدة وتعلمنا دروساً مهمة.
من ناحية أخرى؛ استطعنا من خلال برنامج الجلسات المباشرة عبر الإنترنت تقديم أنشطة كرة القدم من أجل التنمية إلى الفئات والشرائح العمرية خارج المدارس أو في المجتمعات التي ننشط فيها، وقد تواصلنا خلالها مع أولياء الأمور الذين استفادوا مما قدمته الجلسات من دعم أساسي في الظروف الحالية، وسيمتد أثرها إلى ما بعد انتهاء الأزمة الراهنة. لقد اكتسبنا الخبرة اللازمة للمضي قُدماً نحو مواصلة هذه الجلسات والتي نتوقع لها دوراً هاماً في توسيع نطاق المستفيدين من أنشطتنا ومبادراتنا عبر بوابة التقنيات المتطورة والمنصات الحديثة.
ما يدفعنا إلى مد جسور التواصل الثقافي بين الشباب، ومواجهة أصعب التحديات بفعالية وكفاءة، هو شغفنا باللعبة الأكثر شعبية في العالم. وبعد أن يتعافى العالم من تداعيات الأزمة الراهنة سنكون في الموعد لمواصلة جهودنا في دعم وتمكين الأطفال والشباب في المجتمعات المهمشة من خلال القوة الملهمة لكرة القدم، وذلك بعد أن تعلو صيحات محبي كرة القدم بأمان من داخل الملاعب، ويعود الشباب إلى الملاعب المجتمعية الثلاثين التي أنشأها الجيل المبهر في أنحاء الشرق الأوسط وآسيا.